والوجه أجملُ من حظي إذا ابتسما


اكتشفت اني بحب الغزل اللي قائله بيخلط بين الغزل في توصيفه لمحبوبته، وبين حالته الذاتية!
زي كده تميم لما قال: "والشَّعرُ أطولُ مِن ليلي إذا هجرت ... والوجْهُ أجملُ من حظي إذا ابتسما"

بعض الشعراء العرب القدامى، تحس وهو بيتغزل تحسه بيوصف محبوبته بشئ خارج عن ذاته، بمعنى لما تلاقي شاعر بيصور جمال عيون محبوبته وانها شبه عيون الريم، وغيرها من التشبيهات المستقلة عن الحبيب ومحبوبته، بحس ان الغزل ده قصده الأول اظهار قدرة الشاعر التصويرية مش بقدر قصد اظهار حبه! يعني يفرق ايه مثلا أبيات تصوير جمال محبوبته، عن أبيات مدح ناقته مثلا!! ومدح الناقة ده مش شئ هين في الشعر العربي عندك طرفة ولبيد والنابغة كتبوا ابيات في مدح ناقتهم والثلاثة أصحاب معلقات! بالنسبة لي اللي يفرق فعلا هو قدرة الشاعر على توصيف حاله اثناء توصيف حال محبوبته!

خلينا ناخد بيت عمر بن ابي ربيعة:
وَلَها عَينانِ في طَرفَيهِما ... حَوَرٌ مِنها وَفي الجيدِ غَيَد

وخلينا ناخد بيت جرير:
ان العيون التي في طرفها حـور ... قتلتنـا ثـم لـم يحيـن قتـلانـا
يصرعن ذا اللب حتى لاحراك به ... وهن اضعـف خلـق الله اركانـا


البيتين تقريبا بيتكلموا عن جمال العين، لكن شخصيا بحب ابيات جرير اكتر! مع ان عمر بن أبي ربيعة سفاح في الغزل وبعتبره من شعرائي المفضلين، لكن هنا بيتي جرير أقرب لقلبي، ليه؟! لانه بجانب توصيفه لجمال محبوبته بيصور لينا حاله في البيتين دول!

نفس الكلام في قصيدة عمر بن ابي ربيعة:
سخنة المَشتى لِحافٌ لِلفَتى ... تَحتَ لَيلٍ حينَ يَغشاهُ الصَرَد

انا بحب البيت ده في قصيدته جدا، ليه؟! لانه بيتضمن تغزل في محبوبته وذكر لحاله عن الوصف وان محبوبته دي بتمثل ليه ايه!!

فبدلا من انحصار الغزل في كونه ذوق في النساء او عمل فني تصويري لجمال النساء مثله كمثل عمل فنى تصويري لجمال الصحراء و الناقة و الخيل و السيوف والرماح، يصير الغزل تعبير عن حالة وجدانية بين الشاعر ومحبوبته، وهذا تجده كثيرا في اشعار مايمكن ان تسميهم بال"موحدون في الغزل" ككثير عزة و قيس ليلى وقيس لبني وعنترة
فمنه قول كثير:
وما كنتُ أدري قبلَ عَزَّة َ ما البُكا, ولا مُوجِعَاتِ القَلبِ حتَّى تَوَلَّتِ. وما
ومنه قول عنترة:
ولقد ذكرتك والرماح نواهل ... وبيض الهند تقطر من دمي
فوودت تقبيل السيوف لأنها ... لمعت كبارق ثغرك المبتسم

----

قد نَسيتُ وما شفيتُ بعد من نسياني
وما أذكرها حتى يلهج عقلي بالنسيانِ
يسكرني ذكرها فيفيقني قلبي بالألامِ
وما الذكر قبلها عندي إلا طيف أوهام
وما لساني إلا كمحبوس داخل محبرته


متى تطل ذكراها فلا ترد له صولته

لم اشتق لها يوما، ولكني اشتاق لنفسي حين رأيتها

Comments

Popular posts from this blog

ستمحوه الرياح

حول الابتلاء و الاختيار

سألت ربي